Sunday, September 27, 2015

لي لي ذات اليد المحنّاة






دي إيد الجميلة لي لي، واسمها اختصار لـ”لمياء”. لي لي بنت جميلة أصولها أفريقية. لسبب ما اضطرت تهرب من بلدها بجوزها عشان الاضطرابات اللي حصلت هناك، وعشان هي خايفة أوي على حياتها وجوزها. أصلاً جوزها ده حكاية لوحده، وإزاي اتعرفت بيه برضه حكاية.
كانوا يا ستّي في العيد في الشارع. هي كانت صغيرة وبتطلع بالزي التقليدي في المدقات الترابية لقريتهم، وحاطة حنة - استبدلت بيها في الصورة المونيكير، بس لونه يشبه للحنة - وعمالة تضحك وتستنى “العيد” لما يطلع عليهم، في الصبح بدري. كانوا يمسّكوا الأطفال أعلام من ورق ملّون رخيص وعشان كده شفاف جدًا وسهل القطع، بس كانت “الأمارة” بينهم للي يحتفظ بعلمه بدون ما يتقطع وفي نفس الوقت يلعب بيه بينهم. هي ما فازتش في الأمارة غير مرة واحدة لما مثّلت إنها بتلعب بجد بينما هي حريصة عليه. بعد كده بقا يتقطع ولا يهمها، وما همهاش أكتر لما مامتها قالت لها “خلاص إنتي كبرتي وميصحش تلعبي مع العيال الصغيرين، قومي ساعدي في في السجادة على النول ولا امسكي شغل تطريز واشغلي بيه وقتك.
لي لي زعلت جدًا خصوصًا إن عينين شدّوها من وسط التراب والعفار اللي مالي كل العيال. واحد حليوة معندوش دقن ولا شنب، طويل جدًا ونفس لونها - لأن اختلاف الألوان بيقول إن فيه اختلاف في الأعراق وبالتالي ناس أحسن من ناس - ولابس جلابية صفرا مقلمة في بني، بس صفارها مش فاقع، لأ جميل كده. كان واقف جنبهم لدرجة إنها استغربت ليه ما شافتوش قبل اليوم الأخير ليها في اللعب؟
اتحايلت على مامتها كتير كتير إنها تطلع تلعب تاني، بس اللي هدّاها وسكّتها إن نفس الولد ده، واسمه أحمد، جالهم البيت شايل نسجية من صنع مامته وإخواته، كدليل محبة يعني. جه وقعد واتكلم وهي مطلعتش طبعًا، وإن كانت شافته من بلكونة الدور التاني للبيت، البلكونة دي اللي مفتوحة على جوّا البيت وبالتالي شايفة قعدة الرجالة كلها، وهي ما تبانش لو صادفها الحظ واستخبت كلها تحت السور وراسها بس اللي طالعة برّاه عشان تشوف. هو حسّ بيها وهي فوق كده، بس الذوق والأدب يقولوا إنه مينفعش يرفع وشه فوق ويشوفها، لأنه ممكن يكشف أي من “حريمات” البيت وهي مش متغطية. كل دي قواعد وتعقيدات!!!
عرفت بعد ما مشيت إنها بقيت “مخطوبة” ليه. مسألتش طبعًا أسئلتنا الفزلوكة من نوعية “طب ما اخدتوش رأيي ليه أنا الأول؟” لأنها ما همّهاش، همها كله إنها ح تشوفه تاني.
فضلت مخطوبة له، والصغير بيكبر، واللي كان لسه الشنب بيفكر يطلع له طلع له، والبنت اللي بتجري في اللبس الملون العادي، بقا برضه لبسها ملوّن، بس مغطي كل جسمها، يمكن حتى وشها كمان.
لي لي اتجوزت أحمد في فترة من الهدنة والسلام النسبي في حرب أهلية كانت ح تموّت الناس كلها. سمعوا هما الاتنين عن اللي بيحصل برة القرية، على طريق جلب المية بالذات، قرروا يسافروا. أحمد من عيلة غنية، ويمكن ده اللي سارع بالخطوبة والموافقة عليه ثم الجواز منه. أحمد جاب لهم هما الاتنين تذاكر السفر والفيزا. ح يقعدوا فين؟ في مدينة على الساحل الغربي للولايات المتحدة. اشمعنا الولايات؟ عشان سمعوا عن برامج حماية اللاجئين والمهرّبين، وقال أنا مهربتش أنا جاي بإرادتي، في نوبة عنطزة فارغة، بس هو كان مشهور بالقنعرة دي، مش جديدة عليه، ولي لي كانت بتحبها فيه أوي لأنه بيعيشها في حلم كبير لمدة ثواني وبعد كده يرجع لعقله ويضحك على نفسه وعليها ويقرر إنه يتكلم جدّ.
لي لي مقدرتش تاخد مامتها وباباها، وهي دلوأتي قاعدة تشرب الشاي في هدوء كافحت كتير أوي عشان تحصل عليه وتستمتع بيه لنفسها، بينما جوّاها برميل بيغلي من خوفها على عيلتها. أحمد برة بيحاول يطلع لهم الفيزا بس الأمور مش سالكة أوي ميعرفش ليه، بس أديه بيحاول.
لي لي بتحب تزوّق نفسها لأن ده بيفكرها بليلة الفرح، لما زينوها كلها وعملوا لها هيصة، وهي نفسها في الناس دي كلهم يكونوا موجودين، ويعملوا هيصة تروّق الدماغ وتشنّف الأسماع من كل اللغات الغريبة دي، واللي محاوطة لي لي وأحمد.

Tuesday, September 8, 2015

لماذا يحتاج المراهقون لوقت قيّم مع والديهم، أكثر من حاجة الأطفال لهما؟



لماذا يحتاج المراهقون لوقت قيّم مع والديهم، أكثر من حاجة الأطفال لهما؟

 

بقلم: آنا تيزاك

ترجمة: رزان محمود

تحقق آنا تيزاك في مزايا وعيوب الأجازة المراد فرضها "أجازة رعاية المراهقين"، بالاستعانة بدراسة تفيد بأن المرحلة الوحيدة التي يعتبر فيها الوقت القيّم الذي يقضيه الوالدان مع أولادهما ذا أهمية قصوى، هو أثناء المراهقة.
بعد خمسة أسابيع من ولادة أمي بي، عادت لعملها في المكتب. حدث نفس الأمر عندما وُلد أخي "ويل". لكن بعد مرور عدة سنوات، لم تكتف فقط بتعويضنا عن الوقت الذي فقدته معنا عندما كنا أطفالاً؛ فعندما وصلت لمراحل المراهقة الأولى، تخلّت عن العمل لمدة ثماني سنوات، من أجل تركيز جهدها معنا. ياله من أمر ملائم! هكذا تمازحنا، لأننا كنا غادرنا الرضاع وفي المدرسة بنظام الدوام الكامل.


ومع ذلك فقد اتضح الأمر أن والدتنا كانت رائدة، حيث وجدت دراسة منشورة حديثًا في مجلة الزواج والأسرة "Journal of Marriage and Family" أن المرحلة الوحيدة التي يهم فيها قيمة الوقت الذي ينفقه الوالدان مع أولادهما، هو أثناء فترة المراهقة.
صورة جو ويلتشير مع ابنتها إيفي

يعتبر تواجد الوالدين جسديًا وعاطفيًا مع أبنائهم المراهقين عاملاً مرتبطًا بتحسن مستوى السلوك أثناء تلك السنوات المضطرمة بالهرمونات، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها جامعة تورنتو على 1,600 صبي وصبية. وكلما زاد الوقت الذي يقضيه المراهقون مع والديهما في أوقات تناول الوجبات والمناسبات العائلية، كلما قلّت احتمالات أن يتعاطوا المخدرات أو يتجهوا لشرب الكحول أو ينخرطوا في الأنشطة غير القانونية.
هناك دراسة أخرى نشرتها في الشهر الماضي جمعية الأطفال في بريطانيا " Children’s Society" أجرتها على 53,000 طفل في 15 دولة، أشارت لتلك الحقيقة المفزعة: أن الصبية البريطانيين يعتبروا من الأكثر تعاسة حول العالم. وذلك، لأنهم يشعرون بالسوء حيال الذهاب للمدرسة كل يوم، الشعور الذي يعتبر أسوأ من أقرانهم في إثيوبيا ورومانيا، حيث يعتبر التنمرّ والقلق حيال صورة أجسادهم من أكثر الأشياء إثارة للقلق في صبية بريطانيا.

تقول "جو ويلتشير"، الخبيرة في المسائل المتعلقة بالأبوة، إن هناك عدد متزايد من الأمهات ترى "إجازة رعاية المراهقين" بوصفها السبيل الأوحد لتزويد المراهقين بالدعم الذي يحتاجونه. وقد فعلت هذا الأمر بنفسها، حيث تبدأ ابنتها إيفي ذات الأحد عشر ربيعا الدراسة الثانوية في سبتمبر المقبل، وتريد "جو" أن تكون حاضرة لتشهد تلك النقلة وتدعم ابنتها.
تقول: "إن الفترة بين أعوام الخامسة والعاشرة هادئة نوعًا فيما يختص بمسائل الأبوة، لكن عندما تهلّ سنوات المراهقة، يحدث أن يشعر المراهقون باحتياجات تشبه احتياجات الطفل حديث المشي. أشعر أن عليّ دعمها أكثر."

تعتبر الفترة بين 13-14 سنة الأكثر احتياجًا بالنسبة للمراهقات، بينما تزيد جرعة عدم الأمان بين المراهقين الأولاد في العامين 16-17. وتعتبر التغيرات العظيمة في البيئة عاملاً يزيد من العبء. فقد ترك المراهقون البيئة المألوفة والمطمئنة لمدرستهم الأولى، منتقلين إلى منشأة أضخم، حيث يتعرضون لتأثيرات قد تكون سلبية ومحطِمة. أضف إلى ذلك أنواع الضغط الأخرى مثل التحصيل الأكاديمي، والهوس بالمظهر، الأمر الشائع في مرحلة عمرية تكافح لكي تصبح في الصورة المضبوطة. لذلك فهم يعانون مع أنفسهم، ولا عجب في ذلك.

منذ بداية الفصل الدراسي في الشهر المقبل، ستصطحب السيدة ويلتشير ابنتها إيفي للمدرسة، ذهابًا وعودة كل يوم، الأمر الذي تأمل أنه سيقدم ركيزة إيجابية في عالم إيفي المتغيّر. وتقول: "اتطلع بشوق للساعات التالية للدوام المدرسي، والتي سنحظى بها معًا." وتضيف: "عندما تعمل، تصبح الحياة في المنزل تدريبًا في الاختصار، لكني الآن سيتوفر لدي الوقت للحديث معها كما ينبغي."

تعترف أمي أنها وجدت الوقت المرتبط بالفصل الدراسي مملاً بعد التحفيز الذي اعتادته في المكتب، لكن العطلات قدمت لها أكثر مما طلبته. وبعدما قضت سنوات تدفع لنا من أجل ممارسة بعض الأنشطة مع المربية، تستطيع الآن أن تكون جزءًا من أفعال اللعب. وتقول: "من الرائع الاستمتاع مع أطفالي بينما اتمتع بصحتي وطاقتي."


لكن ماذا يحدث عندما لا يعود أطفالك بحاجة إليك، وقد حان الوقت للعودة لمكتب العمل؟
تعتبر الإجازات من العمل في تلك المرحلة أطول بكل تأكيد من أجازة رعاية الأمومة التقليدية، وكما اكتشفت أمي، من المستحيل تقريبًا أن تعود ببساطة لوظيفتك السابقة. أعطوا أمي في البداية وظيفة أقل من وظيفتها السابقة، لكن أمي لم ترد أن تجلس لا تفعل شيئًا، على الرغم من أن الدخل لم يكن المحرك الرئيسي للقبول بعد الوقت الذي قضته في المنزل.
وفي النهاية، فقد استغلت مهاراتها لإدارة نُزل صغير يشمل قضاء الليلة والإفطار. ومع ذلك، تقول الآن إنها كانت ترغب في "الاحتفاظ بمجدافها" في مكتبها.
تعترف ويلتشير أن هذا عائق أمام العديد من النساء، وتقول إن المرونة مطلوبة بشدة في بيئات العمل، "كي يستطيع الأهل القيام بمهامهم في الأماكن التي تحتاجهم أكثر".
بالنسبة للنساء اللاتي يتوقعن أن قضاء وقت أكثر مع أولادهم المراهقين سيؤدي للمزيد من الضغط على أعصاب الجميع، يوصي الباحثون الكنديون بالبقاء في وظيفاتهن؛ حيث يؤدي مكوث الأمهات القلقات أو التعيسات في البيت على مدار الساعة إلى أن تسوء الأمور أكثر.
أعتقد أن أمي حسبت المسائل حسابًا صحيحًا. لا اتذكر شيئًا عن المربية التي اعتادت البقاء معي أثناء سنوات عمري الأولى، لكني امتلك ذكريات كثيرة سعيدة لعطلات الصيف المدرسية، والتي قضيتها مع أمي.
_________
المصدر: هنا

Monday, September 7, 2015

تلك العادة البسيطة في الكتابة غيَّرت حياتي


بقلم: جو بانتنج
ترجمة: رزان محمود
كثيرًا ما يواجهني الناس بهذه الأسئلة: "كيف أصبحت كاتبًا؟ هل حلمت دومًا أثناء طفولتك بأن تصبح كاتبًا؟ كيف جعلت هذا الأمر واقعيًا، حقيقة؟"
إذا أردت أن تصبح كاتبًا، سأشاركك اليوم تجربتي الشخصية التي تحكي كيف صرتُ كذلك. أريد على وجه الخصوص أن استكشف عادات الكتابة التي اضطررت لاتباعها كي أصير كاتبًا محترفًا. وقد يفاجئك العادة الأكثر أهمية المطلوب من الكتّاب اكتسابها.
حدث أول قرار اتخذته بأن أصير كاتبًا في فترة الثانوية. كنت أقرأ رواية قصة مدينتين، وفكّرت: "ألن يكون من الرائع أن أفعل هذا طوال الوقت؟ أن أقضي الوقت مع أصدقائي الخياليين وأزور أماكن غرائبية في رأسي، طول الوقت؟ سيبدو الأمر بأن أحظى بمهنة تستلزم قراءة الكتب... ما عدا أني أنا من سيصنعهم!"
لو فقط كان الأمر بهذه السهولة.
كيف تصبح بالفعل كاتبًا
أردت أن أصير كاتبًا. بل إني حتى درست الكتابة في الجامعة، لكني لم أفعل أي شيء يجعلني أصبح واحدًا. كنت اتعلم عن الكتابة، وأقرأ عن الكُتّاب، لكني لم أكتب.
بعد التفاعل مع الآلاف من الكتّاب الواعدين خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، أقدّم لك ما تعلمته:
كونك تريد أن تصبح كاتبًا ليس كافيًا. يجب أن تتبنى عادات الكاتب لكي تجعلها مهنتك.
عادات الكُتّاب الناجحين
بقدر ما كانت الكتابة مهمة، فإن عادة النشر هي ما غيرت حياتي. وكما ذكرت من قبل، أردت أن أصبح كاتبًا لكني لم أكتب. ما غيّر الأمر أني بدأت في نشر مقالة واحدة على مدونتي كل يوم.

أصبح النشر محّركي للكتابة. وجدت أنني أحببت الأمر: أحببت مشاركة أعمالي مع العالم، والاندفاع لكي أصبح مشهورًا

ومن أجل الحفاظ على جدولي للنشر، اضطررت طبعًا للكتابة أكثر. وبعد قليل، اتخذت خطوات نحو الكتابة بحرفية أكبر.
بدأت في الكتابة الحرة مع مجلة محلية، حيث كنت اكتب مراجعات للحفلات الموسيقية والأخبار الخفيفة. بدأ أصدقائي وعائلتي يعرّفونني بـ"الكاتب". وبعد ذلك بوقت ليس طويلاً حصلت على أول وظيفة بدوام كامل لي، حيث عملت في الكتابة الاحترافية.
لم يتحقق لي النجاح حتى ألزمت نفسي بعادة النشر، وحينها بدأت في اتخاذ الكتابة بجدية واتبعت خطوات فعالة نحو أن أصبح كاتبًا.
ما الذي يمكنك نشره؟
يكتب الكُتّاب من أجل الآخرين. فإذا أردت أن تصبح كاتبًا، عليك بالالتزام بعادة نشر ما تكتبه. عندما تأخذ شهيقًا يجب عليك اتباعه بالزفير. إذا كتبت يجب أن تنشر. هذان الفعلان متوائمان.
إذا لم تكتب ستختنق. إذا لم تنشر ما كتبت، ستفقد دافعك.
ما الذي يمكن نشره اليوم؟
لا يجب للنشر أن يبدو وكأنك تكتب تقديمًا لكتاب، ثم تبحث عن مدير للنشر وأن توقع عقدًا مع إحدى الدور، كي تبيع أخيرًا كتابك في المكتبات.
يمكن للنشر أن يكون على الهيئة التالية:
·         قراءة قصتك على الأصدقاء أو أعضاء عائلتك
·         ترسل قصيدة بالبريد الإلكتروني لحبيب/ـة
·         وضع مقال على مدونتك
·         نشر قصتك في شكل مذكّرة على الفيس بوك
لا يجب أن يكون الأمر "رسميًا" أو رائدًا. لا تحتاج لإذن من ناشر أو من مجلة أدبية، فيمكن للنشر أن يكون ببساطة مشاركة ما تكتب مع الآخرين.

هل لديك شخص يمكنك مشاركة كتاباتك معه، اليوم؟
تمرّن
انشر اليوم قطعة كتبتها وتراها مهمة بالنسبة لك. قد تختار أن تضعها على مدونتك أو مشاركتها مع صديق أو حتى طباعتها وقراءتها على مسامع شخص تهتم لأمره. ومن المفيد أن تكتب شيئًا ما كبداية، ومع ذلك، لا تدع هذا اليوم يمر دون نشر شيء تراه مهمًا.
ولا تنس أن تمرح!
______________________
المصدر: هنا


Monday, August 17, 2015

ريتا والكيك بالشوكولاتة







الصورة دي بتحكي كتير، رغم بساطتها وقلة تفاصيلها.
قطعة التورتة دي عملتها له ريتا. الحقيقة، ريتا مش شاطرة أوي في الطبخ، لكن خبيزها عملاق ويقف قدامه مبتهلاً متبتلاً مقدسًا اللحظة السحرية اللي خطرت على بالها فقررت إنها تعمل التورتة. الحقيقة برضه إن ريتا مؤخرًا كانت بتتجنب الحديث معه أو القعدة معاه من أساسه، عشان ميسألهاش هي عاملة ايه، فتضطر تقول له على كل حاجة.
ريتا طلعت من الحمام بعد ما رميت قلم اختبار الحمل في الباسكت وخبيته كويس. القلم بيقول لها النتيجة "سلبي"، وهي كان نفسها فعلاً في طفل ودلوأتي حالاً. فكرت في التبني، ليه ما يتبنوش؟ بس جوزها المحلّقة دماغه في السموات وأحيانًا بتتخفس سابع أرض، ملوش مزاج محدد في أي وقت من اليوم، والدنيا عنده مكركبة. كان بيبتسم دايمًا ويقول لها "بكرة نخلّف، أنا مش مصدق إن ربنا ح يحرمنا من الخلفة، أنا واثق إنه بيحضّر لنا بيبي لطيف جدًا كده، مفاجأة صغنونة، يمكن على راس السنة". وتتسع ابتسامته خالص، ويقول لها متخافيش، ويطبطب على كتفها ويروح يلزق في شاشة اللاب توب ويحاول يكتب حاجات مبتعجبش حد، بس لسه ابتسامته مراحتش من وشه.
...
ريتا عملت زي الست في فيلم "جولي وجوليا" واللي ناسية أنهي فيهم يبقى اسمها، كانت بتقول إن مفيش حاجة أحلى من إنك تروّح البيت من يوم عمل طويل ومرهق ومؤلم ومفيش حاجة اتحققت فيه زي ما إنت عايز، تروّح عشان تقف في المطبخ سلطان زمانك وتقعد تقشر وتحمّر وتخلي الفراخ وتعمل كيكات حلوة وتخلل الخيار. الأمور دي كلها فشلت فيها ريتا ما عدا الكيك والجاتوه والبان كيك - بتطّور فيها دلوأتي عشان تجرب وصفات جديدة، وأضافت لها الشوفان والقرفة والسكر البني، ومبقيتش محتاجة أي شراب عسلي عشان يحلّي طعمها.
...
ريتا مش مبسوطة في جوازها. ريتا بتعتبر نفسها سليلة العائلة الحسنة الصيت والتقبّل عند الناس، ريتا في تفكيرها لازم تجيب بيبي قبل ما توصل التلاتين - قدامها كمان أسبوعين، يعني استحالة خلاص - عشان تلحق تقعد معاه وتوصّل له تراث عيلتها الاسكتلندية. كل ما تفتكر مشوارها وتقول إنها سابت اسكتلندا وهاجرت على أمريكا، تمام زي ما عم دهب - بابا سكروج- عمل وساب الأسرة كلها، ده حتى مقدرش يسافر لهم لما مامته اتوفيت. ريتا بتقارن نفسها بعم دهب كتير أوي، خصوصًا في الكادر الأخير من الحلقة الأخيرة من سلسلة "شباب دهب" اللي طلعتها مجلة ميكي الأمريكية، الكادر كان بيقول قبليه: "أنا أسيب كل المجوهرات والدهب والأموال دي، عشان أروح اسكتلندا وأقعد جنب إخواتي البنات؟ لما أكون غني كده، مش ح يبقى عندي بيت ولا أولاد ولا ح اتجوز، وح اعيش للفلوس وبس." وفي الكادر الأخير خالص، عينيه بتلمع بجشع، وبيقول لنفسه "أنا اخترت أعيش للفلوس وبس." وده كان قاتل بالنسبة لريتا.
...
جيري بقا، اللي لاقيته ريتا أثناء بحثها الدائم عن السعادة، انبهرت بيه وبابتسامته اللي على طول دي. ولما كانت وصلت 25 سنة ولسه ما اتجوزتش، اقتنعت بيه على طول. زي ما قلنا هي كان نفسها في طفل، ومش مؤمنة بالطرق اللي مش بتنتمي للإيمان، بإنها تجيب الطفل خارج نطاق مؤسسة الزواج. اتجوزت على طول ولبست فستان طويل بحمّالات واسعة شوية، وهو كان واسع شوية فواجهت بعض المشاكل المتعلقة بإن حمّالة الصدر تبان - رغم إن لونها كان أبيض برضه بس ما يصحش، دي حمّالة!! - بس الفستان كان حلو عليها، زي ما أمها اللي جات لها من اسكتلندا مخصوص قالت لها، بس الحقيقة إن لونه مبيّن أكتر بهتان لون وشها وزرقة عينيها الفاتحة، وشعرها اللي بيتراوح ما بين البيج الأوف وايت والأصفر الفاتح. واضح إن أمها مكانتش صريحة معاها بخصوص اختيارات الألوان، كان لازم تلبس حاجة غامقة أكتر شوية.
نرجع ونقول جيري. ماله؟
جيري قارئ نهم جدًا، وعنده مكتبة في كل حتة من بيته حتى فوق سريره. لما شافها في المقهى قاعدة بتقرا الجرنان وهي قلوقة وبتهز رجلها جامد، وبعدين سابت الصحيفة وعلى وشها خيبة أمل عملاقة، ساعتها دخلت قلبه. قال بنبرة تساؤل عادية مش مدركة لمدى فداحة السؤال: "يا ترى في إيدي ايه أعمله عشان أسعدها؟" وكلمة "فداحة" مهمة جدًا لأنه اتجوزها في الآخر!! صحيح جوازهم مش تعيس، لكن جيري بحساسيته المفرطة كان بيساعد كل حد كإن ده هدفه على الأرض، والسفينة الأم باعتاه عشان يصلح من الأوضاع. هو مصدقش أبدًا الكلمة اللي بيقولها له صديقه "ريك" دايمًا: "ما انتاش المسيح المخلّص. ده حتى شعرك مش سايب على كتافك!!"ة
....
النهاردة بقا، في الخامس من أغسطس للعام التسعة وعشرين بالنسبة لريتا، طلعت من الحمّام بعد نوبة عياط وقهرة نِفس كبيرة، وابتديت تشكّ إن يمكن ربنا سامعها فعلاً، ولا ايه اللي أخّر وصول البيبي كل ده؟ راحت المطبخ مباشرة بدل ما تقعد في السرير تعيط على كل حاجة في عيشتها وجيري يقفشها، فتحت الدرج الفوقاني وقررت تجيب كل أكياس الدقيق اللي عندها، واللي طلعوا اتنين بس في الآخر. كسرت البيض وجابت المضرب اليدوي عشان تهلك دماغها وإيدها شغل، وما تسرحش مع المضرب الكهربا. قعدت تضرب تضرب كتير كده، وهي بتحط بإيدها التانية الفانيليا والسكر والزبدة، وتضرب تاني وتالت، وتمسح العرق في الزاوية اللي بيعملها دراعها لما تتنيه، ومفيش مانع برضه إنها تمسح إيدها اللي مليانة دقيق في ضهر البنطلون. دايمًا كان جيري بيضحك من التلات صوابع اللي في ضهر البنطلون دولت، ويقعد يتساءل زي العيال:" هما جُم منين؟ يا ترى منشأهم ايه؟ وهما التلاتة إخوات ولا ايه؟" زمان كانت بتنبسط من الأسئلة اللي مدية على هبل طفولي محبب، بس النهاردة، وحلفت بقبر أبوها الواعظ، لو عملها تاني مش ح تسكت له أبدًا، وممكن تغرق وشه في صينية الدقيق يمكن يبطل خالص اللي بيعمله ده.
عند النقطة دي تحديدًا ابتديت تعيّط.
ركنت على الحيطة وراها، وبعدين شدّت كرسي وقعدت عليه نص قعدة، عشان سمعت خطوات جيري وهو بيلّف في أوضة المكتب مستني الإلهام يجي له ويكتب بقا ويخلص روحه من حبسة الكاتب اللي اتحبسها دي بقاله أيام. قامت على طول، ومسحت دموعها في منديل مطبخ عملاق، ونضفت أنفها بعناية، وغسلت إيديها ونشفتهم عشان ولا نقطة مية تنزل على البيض لحسن تزفّره، ورجعت لشغلها.
استغرق الموضوع منها كيكتين، عشان توصل لقوام مناسب للتورتة. عندها طبعًا كريم شانتيه، علب على علب في التلاجة، وطبق فراولة فاضل لها تِكّة وتبقى مش صابحة، وتزعل هي منها. أصلها كانت على علاقة قوية بالفراولة ومؤمنة إنها ممكن تصلح كل أوجاعها واضطراباتها، خصوصًا لو قامت بالليل مثلاً وضربت شوية كريمة في المضرب اليدوي وقطعت عليها فراولة ساقعة.. يا سلااام! كانت تتمزّج أوي وتقول الله، هي دي النعمة المذهلة بجد.
طلعت الكيكتين من الفرن، سابتهم يبردوا شوية عشان الكريمة ما تسيحش، في الوقت ده قررت تتفرج على وثائقي من قناة ناشونال جيوجرافيك، أو تطلع وصفات جديدة تتضمن الفراولة من على موقعها المفضّل "الكونتيسة حافية القدمين"، أو إنها تشغّل الفواحة المليانة لافندر، وتقعد تتأمل شوية. طبعًا هي لو تأملت ح تنفتح في عياط تاني، والناشونال جيوجرافيك عليها وثائقي للحرب العالمية التانية وهي مش ناقصة وفيات وخيبة أمل ودم، فقررت تسرح شوية على الإنترنت. حوالي ربع ساعة في انبهار بالوصفات الجديدة واللي مش كلها تتضمن الفراولة، جاعت ريتا. قامت على طول، حطيت الكيكتين في الفريزر، طلعت علبة كريم شانتيه وقعدت تضرب فيها مع اللبن بالمضرب اليدوي، وتلّف مع اتجاه عقارب الساعة وتدندن شوية وتمسح عرقها شويتين، لحد ما اقتنعت بكثافة الكريمة، وقررت تطلع الكيكتين، تشيل وشهم اللي قابب على فوق، تقطعهم بالعرض وتحط الكريمة في النص، تزين الوش بالفراولة اللي صالحتها شوية، وتقطع حتة ليها وواحدة لجيري. تغسل وشها،  وتقدم قطعة جيري ليه. يسيب النضارة على الكتاب اللي كان فاتحه بعد ما قعد تعبان من اللف في الأوضة، يبتسم في وشها جدًا، ما يتكلموش، يقعدوا ياكلوا وبس.
شكرًا للفراولة والكريمة وكيكة الشوكولاتة على إنقاذها الموقف، مرة بعد التانية :)










Thursday, May 7, 2015

عن القابلات والراهبات في أيديهن الرحمة


رزان محمود
17/4/2015
عثرت بالصدفة على مسلسل "استدعوا القابلة Call The Midwife"، حين كنت أبحث عن ملفات مسلسل آخر، في موقع التحميل بالتورنت. أثارني العنوان، وتساءلت ما المثير في حياة القابلة/الداية ليصنعوا له مسلسلاً كاملاً؟ وهل كانت بالفعل هناك قابلات ليتحدثوا عنهن؟ إن القابلة في الوجدان الجمعي المصري مرتبطة بأحداث غير سارّة على الإطلاق، كالتأكد من عفة ابنتهم – مثل فيلم "الطوق والإسورة" وقصص يوسف إدريس – أو ختان ابنتهم رغمًا عنها، أو التوليد بعنف مع كثير من الصراخ والرفس وحلّة المياه الساخنة التي للآن لم أعرف فيما يستخدمونها! لكن القابلة في المسلسل البريطاني نسخة أفضل كثيرًا جدًا من النسخة المصرية الجاهلة متسخة اليدين والمتجهمة.

وُلد المسلسل من كتاب، وهو مذكرات "جنيفر وورث" الذي يحمل نفس العنوان. وُلدت المذكرات بعد قراءة وورث، القابلة لمدة سبع سنوات في نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين، لمقال كتبته "تيري كوتس" في إحدى المجلات الطبية المرموقة، تشكو فيه من عدم تمثيل مهنة القِبالة* جيدًا في الإعلام. فكّرت وورث، وجلست لتكتب مذكّراتها، وأرسلتها لكوتس كي تستشيرها في التفاصيل الطبية، لأن كوتس كانت قابلة هي نفسها فيما مضى، وتملك من الخبرة ما جعلها مستشارة المسلسل الطبية فيما بعد.

يحكي "استدعوا القابلة" عن حياة "جنيفير لي" أو "جيني" التي جاءت من لندن المرفّهة لتعمل قابلة في شرق لندن، حيث حي "بوبلر" الفقير جدًا. صُدمت "جيني" عند البداية من الفقر وسوء الأحوال، لكنها صممت على إكمال مسيرتها في العمل لتحسين الأوضاع الصحية للأمهات وأطفالهن. يمضي المسلسل بعد ذلك ليتجاوز مذكرات "جيني"، ويستكمل في الموسم الرابع حيوات أصدقائها وبقية الراهبات في دير "نوناتس هاوس" الذي يضمهن، والتابع للكنيسة لكن المستقلّ عنها ماديًا، ويحصل على تمويله من المحسنين وجزئيًا من الحكومة.
أشاهد المسلسل عندما أحتاج لجرعة من "التطييب" أو "الطبطبة"، للإحساس بأن ما زال هناك خير في هذه الدنيا حتى لو في مسلسل تلفزيوني تشاهده النساء و"تتشحتف" بالبكاء. بالمناسبة، عرفت أن الموسم الأول اجتذب حوالي 10 مليون مشاهد في بريطانيا وحدها، ليغلب بذلك مسلسل "داونتن آبي Downton Abbey" من إنتاج البي بي سي أيضًا، ويصبح أوسع المسلسلات مشاهدة في الوقت الحاضر. أذكر هذه المعلومة لأؤكد لنفسي أنه ليس دراما "للسيدات اللاتي لا يجدن ما يشغلهن" كما يوحي لي جانبي الموسوس من شخصيتي، وأذكّره بأن 10 ملايين رجل وامرأة أفرغوا ساعة من وقتهم كل أسبوع لمشاهدته، لأنهم يستمتعون حقًا به. به الكثير من الرقة والإنسانية ومراعاة الهشاشة العاطفية. أذكر أن في أحد حلقاته تعرّضت الممرضة جيني لهزة عاطفية قوية أتبعت موت حبيب كانت مرتبطة به، فأرسلوها لدار استشفاء ورعاية صحية لـ"كل الوقت الذي تحتاجه"، ولم يستعجلوها في الرجوع، ولم يخبروها بأن "الحياة تمضي والانغماس في العمل هو الوسيلة الأفضل لتخطّي مشاعر الفقدان"، كما نقول نحن. أخذوا مكانها في الورديات الليلية والنهارية، وطالبوا بالحصول على ممرضة/قابلة جديدة كي تساعدهم. لم يكلفهم الأمر شيئًا، فإظهار التعاطف الإنساني لا يُدفع مقابله المال.

في حلقة أخرى، وُلد طفل كان قد توفّى داخل بيته الدافئ، وشعرت به الأم لكن حدث ما جعلها مرتبكة بصدد الفِعل الواجب اتباعه. عندما وجدته القابلتان على هذه الحالة، لفّوه في فوطة دافئة وخرجت به إحداهن للأب، ووضعته جانبًا، واستغرقتا في البكاء للحظات. جاءت أحدث الممرضات انضمامًا لهنّ، والمُشاع عنها أنها بلا قلب، ولما رأت إحداهن هكذا لم تُهرع لرعاية الأم الوالدة، بل اهتمت بداية بالقابلة الحزينة، وبالأب منفطر القلب، بأن أعدّت لهم جميعًا أكوابًا ساخنة من الشاي، وسيلة البريطانيين في إظهار التعاطف والاهتمام، كما أشارت جوان رولينج من قبل**. لاحقًا في نفس الحلقة، عندما انتهت أذاعت البي بي سي – منتجة المسلسل – في تتر النهاية عن تزويد الأمهات بمعلومات حول الأجنّة المتوفين، وكيفية تجنب ذلك، وطرق مساعدة من مرّت منهن بهذه التجربة، وذلك في موقع البي بي سي نفسه، وعبر "رسالة مسجّلة" من رقم مجاني تتصل به من أي مكان في بريطانيا، ليخبرك عن المعلومات الواجب معرفتها. هنا، لم يظهر فقط اهتمام المسلسل "التخيّلي" بالأم وجنينها المتوفي، لأن هذا مجرد مسلسل ولا بد من "تحسين صورة بريطانيا بالخارج" أو "غرس الإمبريالية الثقافية في أذهان غير البريطانيين" أو "الترويج السياحي لإنجلترا باعتبارها تعامل مرضاها ومواطنيها جيدًا"، بل ظهر الاهتمام الحقيقي غير المصطنع بالمواطنين، عبر تجشيم أنفسهم العناء بالبحث وكتابة المعلومات على الموقع وفي الرسالة المسجّلة وإتاحتها للجمهور في وقت إذاعة تلك الحلقة تحديدًا.
بمناسبة الحديث عن "المعاملة الممتازة للمواطنين"، يظهر عبر المسلسل في مختلف حلقاته الاهتمام الجيّد بالسيدات والأطفال. فهناك مثلاً السيدة المتشردة التي كانت تطارد الأمهات حديثات الولادة لتحمل أبنائهن فقط، وكنّ يهربن منها وينهرنها، فزارتها الممرضة واكتشفت أنها تعيش في مرآب مليء بالقذارة، والسيّدة نفسها ليست آية في النظافة، فأدرجتها – بعد عناء معها – في نظام حكوميّ يرعى من بلا دخل، وأعطتها الحكومة غرفة نظيفة بحمام مشترك، وملابس نظيفة، وفراش خالٍ من القمل، ورعاية صحية مجانية، ودخل شهري يكفيها. في حلقة أخرى، تتجاهل أمٌ أطفالها وتتركهم جوعى باليوم واليومين كل مرة تخرج فيها لأنها "يجب أن تفعل ما يبقيها سعيدة" كما أخبرت أكبر أطفالها الذي عيّنته رجل المنزل، فتعرف الشرطة بذلك، وتأخذهم منها، وتحاكمها بتهمة التجاهل والإهمال، وترسلهم لعائلة بديلة في أستراليا، واعدةّ إياهم "بشمس مشرقة، وسماء بلا سُحب، وجوّ أدفأ"، وتلك الكلمات موحية جدًا، لو تذكرنا أنهم كانوا يعيشون في الظلام لقطع الكهرباء عنهم، وفي البرد لعدم وجود تدفئة في الغرفة التي كانوا يعيشون فيها جميعًا، والسماء المحجوبة بالضباب التي تميّز لندن.
اعتقد، وربما صدق حدسي، أنهم لم يذكروا تلك التفاصيل "مخصوص" كي يحسّنوا من صورة بريطانيا بالخارج. فالمسلسل مُنشأ أصلاً للجمهور البريطاني، ولم يتوقعوا نجاحه ولا تصديره خارجًا، بل لم يُنشئوا منه أكثر من الموسم الأول، في انتظار معرفة ردّ فعل الجمهور. لا أعرف الكثير عن بريطانيا، لكني لم أسمعها تُذكر بسوء كثيرًا، وليست مثل بلاد أصبحت أضحوكة العالم، وذِكرها في الأخبار دائمًا بالتنكيت والتبكيت. حتى في تلك البلاد، تعاني مسلسلاتها من سوء معاملة رهيب، خاصة للنساء والأطفال، ويذكر أصحاب الضمائر الصاحية حوادث رأوا فيها ضربًا أو صفعًا أو زعيق في وجه أطفال صغار، تحدث أمامهم.
شكرًا للبي بي سي على مسلسلاتها واهتمامها بالجمهور، وشكرًا لجنيفر وورث على تفكيرها في الكتابة، ولكل الممثلات الرائعات على تأدية أدوار تفوقن فيها جدًا، حتى أحببت المسلسل وأصبحت انتظره بشغف.
تحية من القلب J
______________________
* يقول لسان العرب:
والقابِلَةُ من النساء معروفةٌ. يقال: قَبِلَتِ القابلةُ المرأةَ تَقْبَلُها قِبالَةً، إذا قَبِلَتِ الوَلَدَ، أي تلقَّته عند الولادة.


** ذكرت جوان كي. رولينج في إحدى مقابلاتها أنها كانت تعمل في مؤسسة لرعاية الحالات الإنسانية، وأنها كانت تكتب شيئًا ما على الآلة الكاتبة حين سمعت صرخة قوية، ونادتها رئيستها في العمل، وأشارت لها آمرة أن تعدّ فنجاناً من الشاي على الفور. كان يجلس أمام الرئيسة رجل أفريقي هارب من الديكتاتورية في بلده، وقد سمع توًا خبر اعتقال السلطات لوالدته ثم قتلها لأنه يرفض تسليم نفسه. لاحقًا، في إحدى رواياتها من سلسلة "هاري بوتر"، يجلس الثلاثة: هاري وهيرمايني ورون، ويتحدث هاري عن شيء مؤلم جدًا، فيقترح رون أن يعدّ كوبًا من الشاي، قائلاً بعد نظرة لائمة من هيرمايني إنه "يساعد في الأزمات، كما تقول أمي دائمًا".

نُشر في نون:
http://nooun.net/article/1724/

التأمل: طريقة سهلة وسريعة لتقليل الإنهاك


يمكن للتأمل أن يزيل إنهاك اليوم وأن يُحضر معه السلام الداخلي. اقرأ المقالة لمعرفة كيف يمكنك أن تتعلم بسهولة ممارسة التأمل وقتما احتجته.
بقلم: طاقم العمل في مؤسسة مايو كلينك
ترجمة: رزان محمود
إذا جعلك الإنهاك قلقًا ومتوترًا ومهمومًا، فكّر في تجربة التأمل. يمكنك بقضاء عدة دقائق في التأمل أن تستعيد هدوءك وسلامك الداخلي.
يمكن لأي شخص ممارسته؛ فهو بسيط وغير مكلّف ماديًا، كما أنه لا يتطلب أي معدّات خاصة.
وتستطيع أيضًا ممارسة التأمل أينما أصبحت، سواءً أكنت تتمشى أو تركب الحافلة أو تنتظر في عيادة الطبيب أو حتى وسط اجتماع عمل صعب.
منافع التأمل
يعطيك التأمل إحساسًا بالهدوء والسلام والتوازن، الأمر الذي يرفع من العافية العاطفية ومن الصحة العامة.
كما أن هذه المنافع لا تنتهي بانتهائك من جلسة التأمل؛ بل إنه يساعد على تمضيتك بقية اليوم بهدوء، وبمقدوره تحسين بعض الحالات الطبية.
ولا يعتبر بديلاً عن العلاج الطبي المعروف، لكنه يمكن أن يشكّل إضافة ناجعة للعلاج الذي تتبعه.
أنواع التأمل
إن كلمة "التأمل" مصطلح شامل للعديد من أساليب الاسترخاء؛ فهناك الكثير من تلك الأساليب التي تحتوي على مكوّنات تأملية. وتشترك جميعها في نفس الهدف؛ أي الوصول لحالة من السلام الداخلي.
تشمل طرق التأمل التالي:
·        التخيّل الموّجه. في بعض الأحيان يُطلق عليه التخيّل أو التصوّر الموّجه. وفي هذه الحالة من التأمل تشكّل صورًا عقلية لأماكن أو مواقف تعتبرها باعثة على الاسترخاء.
تحاول في هذه الحالة تنشيط أكبر قدر ممكن من الحواس، مثل الروائح والمناظر والأصوات والملموسات. يمكن أن يوجّهك في هذه الحالة مرشد أو معلّم.
·         تأمل الرُقية. في هذا النوع تردد بلا صوت كلمة مهدئة أو فكرة أو عبارة، لمنع الأفكار المشوِّشة.
·         تأمل يقظة الذهن. يرتكز هذا النوع على أن تصبح منتبهًا للحظة الحالية، أو أن يزيد وعيك وتقبلّك للحياة في اللحظة الحالية.
في تأمل يقظة الذهن، تعمل على توسيع إدراكك الواعي. وفيه، تركّز على ما تشعر به أثناء التأمل، مثل تدفق تنفسّك. يمكنك ملاحظة أفكارك ومشاعرك، لكن عليك أن تدعها تمرّ دون إصدار الأحكام عليها.
·         تشي جونج. يمزج هذا الأسلوب عامةً بين التأمل والاسترخاء والحركات الجسدية وتمارين التنفس، لأجل استعادة التوازن والمحافظة عليه. ويعتبر جزءًا من الطب الصيني التقليدي.
·         تاي تشي. وهذا يعتبر شكلاً من الفنون العسكرية الصينية الخفيفة. وفيه، تمثّل سلسلة من الأوضاع أو الحركات بإيقاعك الخاص، في أسلوب بطيء ورؤوف، وذلك أثناء ممارسة التنفس العميق.
·         التأمل المتسامي. وهو تقنية بسيطة وطبيعية. وفيه تردد صمتًا رُقية مصممة لك شخصيًا، مثل كلمة أو صوت أو عبارة، وذلك بطريقة خاصة. يتيح هذا النوع من التأمل لجسدك أن يغرق في حالة من الراحة العميقة والاسترخاء، ويسمح لعقلك أن يصل لحالة من السلام الداخلي، دون الالتجاء للتركيز أو بذل مجهود.
·         اليوجا. وفيها تمارس سلسلة من تدريبات الأوضاع والتحكم في التنفس لتعزيز الحصول على جسد أكثر مرونة وعقل أهدأ. من المستحسن أن تقلل انتباهك على يومك المشحون بالمشاغل، وأن تركزّ أكثر على اللحظة الحالية، وذلك أثناء تنقلك خلال الأوضاع التي تتطلب توازنًا وتركيزًا.
عناصر التأمل
تشمل الأنواع المتعددة من التأمل مختلف الخصائص التي تساعدك على ممارسته. وهي تتنوع استنادًا إلى مَن تتبع إرشاداته أو مَن يدرّس المادة العلمية. تشمل بعض أكثر الأنواع انتشارًا خصائص مثل:
·        التركيز المكثف. يعتبر تركيز انتباهك عامة أحد أهمّ العناصر المؤسسة للتأمل.
إن تكثيف انتباهك هو ما يساعدك على تحرير عقلك من الكثير من المشتتات التي تسبب لك الإنهاك والهمّ. يمكنك أن تركّز انتباهك على أشياء مثل صورة معيّنة أو رُقية أو شيء محدد أو حتى على تنفسّك.
·         التنفس المسترخي. تشمل هذه التقنية التنفس العميق المتساوي في مُدده، مع توظيف عضلة الحجاب الحاجز لتوسيع رئتيك. ويهدف إلى إبطاء تنفسك والحصول على أكسجين أكثر، والتقليل من الاعتماد على الكتفين والرقبة وعضلات أعلى الصدر حين الشهيق والزفير، وبذلك تزيد من كفاءة تنفسّك.
·         الجلوس الهادئ. إذا كنت مبتدئًا في التأمل فإن ممارسته ستصبح أسهل إذا كنت في بقعة هادئة تقلّ فيها المشتتات، بما في ذلك منع التلفزيون والراديو والهاتف المحمول.
وكلما أصبحت أكثر كفاءة في التأمل، تستطيع ممارسته في أي مكان، خاصة في المواقف عالية الإنهاك حيث تزيد استفادتك منه، مثل أثناء الازدحام المروري أو اجتماع عمل مجهد أو وقوفك في طابور طويل للدفع في محل البقالة.
·         وضع مريح. يمكنك ممارسة التأمل سواءً كنت جالسًا أو مستلقيًا أو ماشيًا أو في أي أوضاع وأنشطة أخرى. فقط حاول أن تصبح مرتاحًا من أجل الاستفادة القصوى من تأملّك.
أساليب يومية لممارسة التأمل
لا تدع فكرة ممارسة التأمل ممارسة "صحيحة" تزيد من الضغط العصبي الواقع عليك. فإذا اخترت اتباع التأمل، يمكنك الذهاب لمراكز متخصصة في ممارسة التأمل أو مجموعات تعليمية يقدمها مرشدون مدرّبون. لكن هذا لا يمنع أنك تستطيع ممارسة التأمل بسهولة وحدك.
يمكنك أن تجعل التأمل مرتبطًا بنسق معين أو عشوائيًا؛ حسب رغبتك، لكن احرص على ملائمته لنمط حياتك والموقف الحالي. فبعض الناس يضعون التأمل داخل روتينهم اليومي؛ حيث، على سبيل المثال، يمكنهم بداية يومهم وإنهاءه بساعة من التأمل. لكن كل ما تحتاجه فعلاً بضع دقائق من الوقت المستغلّ جيدًا، في التأمل.
هاك بعض الأساليب التي يمكن ممارسة التأمل بها وحدك، أينما تختار لذلك:
·         التنفس العميق. هذه التقنية ملائمة للمبتدئين لأن التنفس وظيفة طبيعية.
كثّف كل انتباهك على التنفس. ركّز على شعورك أثناء الشهيق والزفير من منخريك وسماعك لهذه العملية. تنفسّ بعمق وبطء. وحينما يشرد انتباهك، أعد تركيزك بلطف لتنفسّك.
·         امسح جسدك. حين توظف هذه التقنية، كثّف انتباهك على الأجزاء المختلفة من جسدك. زِد من وعيك بالمشاعر المختلفة لجسمك، سواءً كانت تلك الأحاسيس ألمًا أو توترًا أو دفئًا أو استرخاءً.
اجمع بين تمرينات مسح الجسد والتنفس، وتخيّل استنشاق الحرارة أو الاسترخاء داخل الأجزاء المختلفة من جسدك، وخارجها.
·         كرِّر رُقية. يمكنك أن تخترع رُقياك الخاصة، سواءً كانت دينية أو دنيوية. تشمل أمثلة الرُقى الدينية الأدعية من القرآن في الإسلام وصلوات المسيح في المسيحية وتكرار الاسم المقدس للربّ في اليهودية أو رُقى "الأوم" في الهندوسية والبوذية والديانات الشرقية الأخرى.
·         تمشّى وتأمل. إن الجمع بين التمشية والتأمل وسيلة فعّالة وصحية للاسترخاء. يمكنك استخدام هذه التقنية في أي مكان تمشي فيه، مثل غابة هادئة أو أرصفة المدينة أو في المجمّع التجاري.
عند اتباعك لهذه الطريقة، ابطئ من سرعة مشيك لأجل التركيز على كل حركة من ساقيك أو قدميك. لا تضع تركيزك على وجهة محددة، بل ركّز على ساقيك وقدميك، مرددًا كلمات محفزة في ذهنك مثل الرفع والحركة والوضع، أثناء رفعك لكل قدم؛ حرّك ساقك للأمام ثم ضع قدمك على الأرض.
·         انخرط في الدعاء. يعتبر الدعاء أفضل طريقة معروفة وواسعة الانتشار لممارسة التأمل. يمكنك أن تجد أدعية مكتوبة ومنطوقة في معظم التقاليد الإيمانية.
يمكنك الدعاء باستخدام كلماتك الخاصة، أو بقراءة الأدعية التي كتبها الآخرون. ابحث في المكتبات القريبة منك عن أمثلة لكتب الدعاء، أو اسأل الشيخ أو القس أو مرشدك الروحاني عن المصادر الممكنة للحصول على الأدعية.
·         اقرأ وتمعّن. يقول الكثير من الناس إنهم استفادوا من قراءة الأشعار أو النصوص المقدسة، واستقطاع بضع لحظات للتفكير في معناها، بهدوء.
يمكنك أيضًا الاستماع للموسيقى الروحانية، أو للكلمات المنطوقة أو أي موسيقى تجدها باعثة على الاسترخاء أو الإلهام. قد تحتاج لكتابة أفكارك في مذكراتك أو لمناقشتها مع صديق أو مرشد روحاني.
·          كثّف من حبّك وامتنانك. في هذا النوع من التأمل، تركز انتباهك على شيء أو وجود مقدّس، غازلاً أحاسيس الحب والعطف والامتنان مع أفكارك. يمكنك أيضًا أن تغلق عينيك وتستعمل تخيّلك، أو أن تحدّق في ما يمثّل ذلك الشيء المقدّس.
بناء مهاراتك التأملية
 لا تحكم على مهاراتك التأملية لأن هذا لن يفيد سوى بزيادة الضغط العصبي الواقع عليك. تذكّر: التأمل يحتاج للمارسة.
ضع نصب عينيك أنه، على سبيل المثال، من الشائع أن يشرد ذهنك أثناء التأمل، مهما كان طول المدة التي مارست فيها التأمل من قبل. إذا كنت تهدف بهذه الممارسة تهدئة عقلك وشرد انتباهك، أعده ببطء للشيء أو الإحساس أو الحركة التي تركّز عليها.
جرّب أنواعًا كثيرة، ومن المحتمل أن تجد أنواعًا من التأمل تناسبك أفضل، وتلائم ما تستمتع بفِعله. أقلِم التأمل مع احتياجاتك في اللحظة الحالية. تذكّر: لا يوجد طريقة صواب أو خطأ للتأمل. ما يهمّك أكثر أن يساعدك التأمل على التقليل من إنهاكك وأن تشعر بأنك أفضل، شعورًا عامًا.

______
المصدر:
http://www.mayoclinic.org/tests-procedures/meditation/in-depth/meditation/art-20045858/?utm_source=newsletter&utm_medium=email&utm_campaign=managing-depression&pg=1

نُشر في نون:
http://nooun.net/article/1670/