دي إيد الجميلة لي لي، واسمها اختصار لـ”لمياء”. لي لي بنت جميلة أصولها أفريقية. لسبب ما اضطرت تهرب من بلدها بجوزها عشان الاضطرابات اللي حصلت هناك، وعشان هي خايفة أوي على حياتها وجوزها. أصلاً جوزها ده حكاية لوحده، وإزاي اتعرفت بيه برضه حكاية.
كانوا يا ستّي في العيد في الشارع. هي كانت صغيرة وبتطلع بالزي التقليدي في المدقات الترابية لقريتهم، وحاطة حنة - استبدلت بيها في الصورة المونيكير، بس لونه يشبه للحنة - وعمالة تضحك وتستنى “العيد” لما يطلع عليهم، في الصبح بدري. كانوا يمسّكوا الأطفال أعلام من ورق ملّون رخيص وعشان كده شفاف جدًا وسهل القطع، بس كانت “الأمارة” بينهم للي يحتفظ بعلمه بدون ما يتقطع وفي نفس الوقت يلعب بيه بينهم. هي ما فازتش في الأمارة غير مرة واحدة لما مثّلت إنها بتلعب بجد بينما هي حريصة عليه. بعد كده بقا يتقطع ولا يهمها، وما همهاش أكتر لما مامتها قالت لها “خلاص إنتي كبرتي وميصحش تلعبي مع العيال الصغيرين، قومي ساعدي في في السجادة على النول ولا امسكي شغل تطريز واشغلي بيه وقتك.
لي لي زعلت جدًا خصوصًا إن عينين شدّوها من وسط التراب والعفار اللي مالي كل العيال. واحد حليوة معندوش دقن ولا شنب، طويل جدًا ونفس لونها - لأن اختلاف الألوان بيقول إن فيه اختلاف في الأعراق وبالتالي ناس أحسن من ناس - ولابس جلابية صفرا مقلمة في بني، بس صفارها مش فاقع، لأ جميل كده. كان واقف جنبهم لدرجة إنها استغربت ليه ما شافتوش قبل اليوم الأخير ليها في اللعب؟
اتحايلت على مامتها كتير كتير إنها تطلع تلعب تاني، بس اللي هدّاها وسكّتها إن نفس الولد ده، واسمه أحمد، جالهم البيت شايل نسجية من صنع مامته وإخواته، كدليل محبة يعني. جه وقعد واتكلم وهي مطلعتش طبعًا، وإن كانت شافته من بلكونة الدور التاني للبيت، البلكونة دي اللي مفتوحة على جوّا البيت وبالتالي شايفة قعدة الرجالة كلها، وهي ما تبانش لو صادفها الحظ واستخبت كلها تحت السور وراسها بس اللي طالعة برّاه عشان تشوف. هو حسّ بيها وهي فوق كده، بس الذوق والأدب يقولوا إنه مينفعش يرفع وشه فوق ويشوفها، لأنه ممكن يكشف أي من “حريمات” البيت وهي مش متغطية. كل دي قواعد وتعقيدات!!!
عرفت بعد ما مشيت إنها بقيت “مخطوبة” ليه. مسألتش طبعًا أسئلتنا الفزلوكة من نوعية “طب ما اخدتوش رأيي ليه أنا الأول؟” لأنها ما همّهاش، همها كله إنها ح تشوفه تاني.
فضلت مخطوبة له، والصغير بيكبر، واللي كان لسه الشنب بيفكر يطلع له طلع له، والبنت اللي بتجري في اللبس الملون العادي، بقا برضه لبسها ملوّن، بس مغطي كل جسمها، يمكن حتى وشها كمان.
لي لي اتجوزت أحمد في فترة من الهدنة والسلام النسبي في حرب أهلية كانت ح تموّت الناس كلها. سمعوا هما الاتنين عن اللي بيحصل برة القرية، على طريق جلب المية بالذات، قرروا يسافروا. أحمد من عيلة غنية، ويمكن ده اللي سارع بالخطوبة والموافقة عليه ثم الجواز منه. أحمد جاب لهم هما الاتنين تذاكر السفر والفيزا. ح يقعدوا فين؟ في مدينة على الساحل الغربي للولايات المتحدة. اشمعنا الولايات؟ عشان سمعوا عن برامج حماية اللاجئين والمهرّبين، وقال أنا مهربتش أنا جاي بإرادتي، في نوبة عنطزة فارغة، بس هو كان مشهور بالقنعرة دي، مش جديدة عليه، ولي لي كانت بتحبها فيه أوي لأنه بيعيشها في حلم كبير لمدة ثواني وبعد كده يرجع لعقله ويضحك على نفسه وعليها ويقرر إنه يتكلم جدّ.
لي لي مقدرتش تاخد مامتها وباباها، وهي دلوأتي قاعدة تشرب الشاي في هدوء كافحت كتير أوي عشان تحصل عليه وتستمتع بيه لنفسها، بينما جوّاها برميل بيغلي من خوفها على عيلتها. أحمد برة بيحاول يطلع لهم الفيزا بس الأمور مش سالكة أوي ميعرفش ليه، بس أديه بيحاول.
لي لي بتحب تزوّق نفسها لأن ده بيفكرها بليلة الفرح، لما زينوها كلها وعملوا لها هيصة، وهي نفسها في الناس دي كلهم يكونوا موجودين، ويعملوا هيصة تروّق الدماغ وتشنّف الأسماع من كل اللغات الغريبة دي، واللي محاوطة لي لي وأحمد.