Tuesday, September 8, 2015

لماذا يحتاج المراهقون لوقت قيّم مع والديهم، أكثر من حاجة الأطفال لهما؟



لماذا يحتاج المراهقون لوقت قيّم مع والديهم، أكثر من حاجة الأطفال لهما؟

 

بقلم: آنا تيزاك

ترجمة: رزان محمود

تحقق آنا تيزاك في مزايا وعيوب الأجازة المراد فرضها "أجازة رعاية المراهقين"، بالاستعانة بدراسة تفيد بأن المرحلة الوحيدة التي يعتبر فيها الوقت القيّم الذي يقضيه الوالدان مع أولادهما ذا أهمية قصوى، هو أثناء المراهقة.
بعد خمسة أسابيع من ولادة أمي بي، عادت لعملها في المكتب. حدث نفس الأمر عندما وُلد أخي "ويل". لكن بعد مرور عدة سنوات، لم تكتف فقط بتعويضنا عن الوقت الذي فقدته معنا عندما كنا أطفالاً؛ فعندما وصلت لمراحل المراهقة الأولى، تخلّت عن العمل لمدة ثماني سنوات، من أجل تركيز جهدها معنا. ياله من أمر ملائم! هكذا تمازحنا، لأننا كنا غادرنا الرضاع وفي المدرسة بنظام الدوام الكامل.


ومع ذلك فقد اتضح الأمر أن والدتنا كانت رائدة، حيث وجدت دراسة منشورة حديثًا في مجلة الزواج والأسرة "Journal of Marriage and Family" أن المرحلة الوحيدة التي يهم فيها قيمة الوقت الذي ينفقه الوالدان مع أولادهما، هو أثناء فترة المراهقة.
صورة جو ويلتشير مع ابنتها إيفي

يعتبر تواجد الوالدين جسديًا وعاطفيًا مع أبنائهم المراهقين عاملاً مرتبطًا بتحسن مستوى السلوك أثناء تلك السنوات المضطرمة بالهرمونات، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها جامعة تورنتو على 1,600 صبي وصبية. وكلما زاد الوقت الذي يقضيه المراهقون مع والديهما في أوقات تناول الوجبات والمناسبات العائلية، كلما قلّت احتمالات أن يتعاطوا المخدرات أو يتجهوا لشرب الكحول أو ينخرطوا في الأنشطة غير القانونية.
هناك دراسة أخرى نشرتها في الشهر الماضي جمعية الأطفال في بريطانيا " Children’s Society" أجرتها على 53,000 طفل في 15 دولة، أشارت لتلك الحقيقة المفزعة: أن الصبية البريطانيين يعتبروا من الأكثر تعاسة حول العالم. وذلك، لأنهم يشعرون بالسوء حيال الذهاب للمدرسة كل يوم، الشعور الذي يعتبر أسوأ من أقرانهم في إثيوبيا ورومانيا، حيث يعتبر التنمرّ والقلق حيال صورة أجسادهم من أكثر الأشياء إثارة للقلق في صبية بريطانيا.

تقول "جو ويلتشير"، الخبيرة في المسائل المتعلقة بالأبوة، إن هناك عدد متزايد من الأمهات ترى "إجازة رعاية المراهقين" بوصفها السبيل الأوحد لتزويد المراهقين بالدعم الذي يحتاجونه. وقد فعلت هذا الأمر بنفسها، حيث تبدأ ابنتها إيفي ذات الأحد عشر ربيعا الدراسة الثانوية في سبتمبر المقبل، وتريد "جو" أن تكون حاضرة لتشهد تلك النقلة وتدعم ابنتها.
تقول: "إن الفترة بين أعوام الخامسة والعاشرة هادئة نوعًا فيما يختص بمسائل الأبوة، لكن عندما تهلّ سنوات المراهقة، يحدث أن يشعر المراهقون باحتياجات تشبه احتياجات الطفل حديث المشي. أشعر أن عليّ دعمها أكثر."

تعتبر الفترة بين 13-14 سنة الأكثر احتياجًا بالنسبة للمراهقات، بينما تزيد جرعة عدم الأمان بين المراهقين الأولاد في العامين 16-17. وتعتبر التغيرات العظيمة في البيئة عاملاً يزيد من العبء. فقد ترك المراهقون البيئة المألوفة والمطمئنة لمدرستهم الأولى، منتقلين إلى منشأة أضخم، حيث يتعرضون لتأثيرات قد تكون سلبية ومحطِمة. أضف إلى ذلك أنواع الضغط الأخرى مثل التحصيل الأكاديمي، والهوس بالمظهر، الأمر الشائع في مرحلة عمرية تكافح لكي تصبح في الصورة المضبوطة. لذلك فهم يعانون مع أنفسهم، ولا عجب في ذلك.

منذ بداية الفصل الدراسي في الشهر المقبل، ستصطحب السيدة ويلتشير ابنتها إيفي للمدرسة، ذهابًا وعودة كل يوم، الأمر الذي تأمل أنه سيقدم ركيزة إيجابية في عالم إيفي المتغيّر. وتقول: "اتطلع بشوق للساعات التالية للدوام المدرسي، والتي سنحظى بها معًا." وتضيف: "عندما تعمل، تصبح الحياة في المنزل تدريبًا في الاختصار، لكني الآن سيتوفر لدي الوقت للحديث معها كما ينبغي."

تعترف أمي أنها وجدت الوقت المرتبط بالفصل الدراسي مملاً بعد التحفيز الذي اعتادته في المكتب، لكن العطلات قدمت لها أكثر مما طلبته. وبعدما قضت سنوات تدفع لنا من أجل ممارسة بعض الأنشطة مع المربية، تستطيع الآن أن تكون جزءًا من أفعال اللعب. وتقول: "من الرائع الاستمتاع مع أطفالي بينما اتمتع بصحتي وطاقتي."


لكن ماذا يحدث عندما لا يعود أطفالك بحاجة إليك، وقد حان الوقت للعودة لمكتب العمل؟
تعتبر الإجازات من العمل في تلك المرحلة أطول بكل تأكيد من أجازة رعاية الأمومة التقليدية، وكما اكتشفت أمي، من المستحيل تقريبًا أن تعود ببساطة لوظيفتك السابقة. أعطوا أمي في البداية وظيفة أقل من وظيفتها السابقة، لكن أمي لم ترد أن تجلس لا تفعل شيئًا، على الرغم من أن الدخل لم يكن المحرك الرئيسي للقبول بعد الوقت الذي قضته في المنزل.
وفي النهاية، فقد استغلت مهاراتها لإدارة نُزل صغير يشمل قضاء الليلة والإفطار. ومع ذلك، تقول الآن إنها كانت ترغب في "الاحتفاظ بمجدافها" في مكتبها.
تعترف ويلتشير أن هذا عائق أمام العديد من النساء، وتقول إن المرونة مطلوبة بشدة في بيئات العمل، "كي يستطيع الأهل القيام بمهامهم في الأماكن التي تحتاجهم أكثر".
بالنسبة للنساء اللاتي يتوقعن أن قضاء وقت أكثر مع أولادهم المراهقين سيؤدي للمزيد من الضغط على أعصاب الجميع، يوصي الباحثون الكنديون بالبقاء في وظيفاتهن؛ حيث يؤدي مكوث الأمهات القلقات أو التعيسات في البيت على مدار الساعة إلى أن تسوء الأمور أكثر.
أعتقد أن أمي حسبت المسائل حسابًا صحيحًا. لا اتذكر شيئًا عن المربية التي اعتادت البقاء معي أثناء سنوات عمري الأولى، لكني امتلك ذكريات كثيرة سعيدة لعطلات الصيف المدرسية، والتي قضيتها مع أمي.
_________
المصدر: هنا

No comments: