في اللحظة السحرية اللي "ريجي" بيقول فيها لـ"جين": "تتجوزيني؟"، وجين لسه هتفكر تقوله إيه، وهمّ واقفين على جانبي البارافان اللي بيفصلهم عن الجمهور المتلهف لسماعهم بيغنوا، في اللحظة دي السحر بيكمل. مبيبقاش قدامهم بارافان وجمهور، لأ، دول واقفين على عتبات عالم نيفر لاند زي في الفيلم بتاع جيمس باري اللي اخترع "بيتر بان": حوريات بحر، جنيات بعيون ملونة وعليهم الغبار السحري اللي بيخليهم يطيروا، أولاد قرروا يعيشوا أطفال للأبد وهربانين من أهاليهم، وحيوانات بتتكلم، أشجار ورقها عريض جدًا لدرجة ممكن طفل رضيع يقعد عليه، بلالين الصابون في الهوا وفي كل حتة، بتلمع بألوان السما السبعة، خصوصًا البنفسجي والأرجواني وأكيد الأزرق.
بعد ما اتفتحلهم العالم الواسع ده، هينزل "ريجي" العجوز و"جين" أم شعر أبيض للغابة، حتة واسعة فيها، وعليهم شجرة أغصانها مفرودة أفقيًا ومحاوطاهم كأنهم في برجولة -سقيفة خشبية- ومعزولين عن الكون كله. الهوا حلو وخفيف، مش محتاج كوفيات زي اللي كانوا لابسينها طول الفيلم. "جين" مش هيكون عندها مفصل وِرك تاعبها جدًا ومستنية دورها في عملية استبداله. هتمشي كويس من غير عصاية، وهو كمان، وهيتسندوا على بعض لحد ما يقفوا سوا قصاد بعض، ويسندوا خدهم على خد بعض، ويرقصوا بالراحة أوي، خطوة خفيفة ومستريحة مناسبة لعمرهم الكبير، وحبهم الأكبر.
في فيلم "الرباعي الموسيقي" أو “Quartet”الصادر سنة 2012، "ريجي" كان قرر إنه يسيب بيت الموسيقيين المتقاعدين بعد ما "جين" جات. قعد يقول إزاي يعملوا فيه كده، وأكيد همّ بينتقموا منه لسبب أو لآخر. لما "جين" جات اعتزلت الناس كلها في أوضتها، وقررت إن الأكل يجيلها في الأوضة، ومتنزلش تاكل معاهم في القاعة. لما جاتلها "سيسي" تسلّم عليها، مافتكرتهاش في الأول، لأنها مش عايزة تفتكر أي حاجة من ماضيها. سألتها "سيسي": إنتي بتسمعي أغانيكي القديمة؟ كدبت "جين" -أو ماجي سميث العظيمة- قالت لها لأ. بينما هي، كل ليلة قبل ما تنام، بتشغل نسخة حديثة من الجرامافون وتحط أسطواناتها الكبيرة السودا وتقعد تسمعها لحد ما تروح في النوم.
على هامش المسألة، كان فيه "سيدريك" أبو ملابس غريبة وعبايات مزركشة فضفاضة، وطواقي مشغولة بالقصب الدهبي، كان بيحاول يرتب كل فقرات الحفل اللي الناس بتحضره وتدفعله تذاكر، وبفلوس التذاكر دي دار الموسيقيين المتقاعدين بتصرف على نفسها وتعيش لسنة كمان قدام، لحد ميعاد الحفل الجديد. قرر "سيدريك" إنه يجمع "ريجي" و"جين" و"سيسي" و"ويلف"، ويغنوا معزوفة أوبرالية كإحياء لماضيهم المجيد، خصوصًا لماضي "جين" المشرق. "جين" في الأول رفضت تمامًا، وضربت "سيسي" بالورد اللي جابتهولها عشان تحاول تقنعها، وأدت لمبيت "سيسي" ليلة في جناح المستشفى. في الآخر، "جين" اقتنعت، وعشان ميجيبوهاش بتغني -أكيد ماجي سميث مش بتغني أوبرا- لجأ المخرج لعرض صورة لدار الموسيقيين المتقاعدين من برة وصوت الرباعي بيغني سوا، صوت فتيّ وجميل طالع من القلب.
في نسختي أنا للفيلم، بعد ما "ريجي" و"جين" (اللي تخلصت من ألم الوِرك) خلصوا رقصتهم، هيقعدوا سوا على الأرض العشبية اللي مليانة بورق الشجر الأصفر والأخضر والأحمر، والورد الصغير جدًا طالع من بين الورق، لونه بنفسجي وأصفر وأبيض، والشمس مغيمة فمش محتاجين ضُليلة من الشجر. "ريجي" ممددّ، "جين" هتمسك أقرب كتاب لقلبها وتقعد تقراله مقاطع منه. هيغمض عينيه مع جمال الكلمة المكتوبة، ويقرر بينه وبين نفسه يكرر عليها عرض الجواز. في نسختي، زي ما في الفيلم، "جين" بتوافق على طول، ويقرروا سوا إنهم يقضوا بقية عمرهم مع بعض، حيث الصحبة الحلوة، والاستماع لبعضهم، ومحاولة تعويض الماضي اللي كلاهم فيه جرح التاني.
في المستقبل اللي جاي، واللي ممكن ميكملش أسابيع لأنهم عدّوا السبعين همّ الاتنين، و"جين" في التمانين بالفعل، هيقعدوا يقروا سوا لبعض، ويسمعوا مزّيكة بعض، ويقربوا من بعض أوي وهمّ بيرقصوا رقصات هادية جدًا وموسيقتها خفيفة، ويمكن كمان، يغنوا مع بعض.
رابط الفيلم على imdb
تحميل الفيلم عن طريق التورنت: الرابط الأتى
إعلان الفيلم على اليوتيوب : الرابط الأتى
__________________
نُشر في نون
نُشر في نون
http://nooun.net/article/1357/
No comments:
Post a Comment