عزيزتي نادين سُليمان:
تحية طيبة
كنت أريد أن أكتب لكِ منذ الأمس، لكن مزاجي تعكّر جدًا بتأخر أخي عليّ، لزحمة الشوارع جدًا، واخذت أشاهد مسلسل “فتيات آل جيلمور”.. ربما كانت النقطة الجوهرية في الحلقتين التي شاهدتهما هي نظرة “لورالاي” إلى “لوك” بعد حديثهما المقتضب عن إمكانية إنجاب كل منهما لطفل إذا وجدا الشخص المناسب، وعند كلمتي “الشخص المناسب” نظرا طويلاً لبعضهما، ثم أدركا ما يفعلان وحوّلا ناظريهما بسرعة.. أحب البدايات والإرهاصات - الحاجات الصغيرة اللي بتقود للبدايات - وأرى مقدمة علاقة جيدة بينهما، واستعجلها..
نوفمبر قادم يا نادين.. الجو جميل منذ الآن، لذا استبشر خيرًا بأن نوفمبر سيكون أطلف جوًا، بحيث يمكننا المشي في أماكن صالحة للمشي، مثل الزمالك، لساعات دون أن نهتم لعرق أو حر.. نوفمبر قادم ومعنى هذا أن الذكرى ستعود، ربما تتجدد الاشتباكات، لأن الموتورين كُثر، ولا ألومهم، لا يمكنني لومهم، لا يمكن الحياة مع ثأر لم يؤخذ، وانتقام لم يتحقق..
نوفمبر قادم يا نادين وأنا سأسافر أوله.. سأذهب لبلاد تكره الألوان والنساء وتستمتع بحِبال عريضة وقوية تضعها أكثر فأكثر حول رقاب الناس، والناس بين صمت ولهو.. سأخرج من بلد طارد بطبعه لا يرحب بي قدر عدم ترحيبه بكل ساكنيه، وأذهب حيث حياة جديدة، كيلا تسألني الملائكة “قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها”؟ وأنا لا أعرف بما سأجيب الملائكة لو سألتني بأي شيء، وليس هذا فقط..
أمس طلبت من أخي أن يحضر الأشعة ويأتي ليصطحبني لطبيب الأسنان. فكرت بيني وبين نفسي لماذا أذهب كل مشاويري وحدي، لماذا أذهب لطبيب الأسنان - وهو صاحبي بالأساس - وحدي؟ وعندما طلبت من أخي القدوم ظهرت لي الإجابة: الشوارع مزدحمة ولعينة، اصطدمت السيارة ثلاث مرات بسيارات أخرى، كسرنا فانوس واكصدام ، أصلحه أخي على السريع ثم مضينا. كنا أغلب الوقت صامتين، يغلفني إحساس بالذنب الرهيب لأني كلفته بهذا المشوار بينما كان من الممكن أن آخذ تاكسي، كرهت نفسي أكثر لأني أريد رفقة عند الذهاب لمشاويري.. لم يخلقنا الله لنتفرق، يجب ألا نفعل..
الحياة صعبة يا نادين.. لكنها أحيانًا تهون وأحيانًا نتناساها. مثلما أخبرني طبيب الأسنان أمس بأن أسناني سليمة، وأن استمر على العلاج، ولا داعي لأي عمليات مؤلمة. فرحت جدًا، وتقافزت في الشارع، وقبّلت أخي، وعرضت أن اشتري له شيئًا كنوع من الترضية. لم يوافق، وابتسم ابتسامة مبتسرة، ثم مضينا باتجاه السيارة. صمتنا.
أرجو من الله أن تسهل أمورنا لحد نستطيع احتماله، بدلاً من أن يفيض بنا الكيل ونبدأ في طرح أسئلة من نوعية “اشمعنى أنا؟”، ولا نجد إجابة.
شكرًا لمجيئك يا نادين، سعدت بالحكي لكِ، ابقي تعالي كتير :)
9-10-2013
No comments:
Post a Comment