قلم: بات روا-بيريز
ترجمة : رزان محمود
تعرف ذلك الشعور، حينما يتغيّر مزاجك فجأة ودون تحذير.
في لحظة تشعر بالتفاؤل والابتهاج، وفي الثانية تشعر بالاكتئاب.
لا يمكنك التفكير بصفاء، وتصارع لوضع الأمور في مكانها الصحيح، إن النظرة المشرقة للحياة التي امتلكتها منذ دقيقة مرّت قد اختفت كليّة، ويقيم في مكانها الآن شوق عميق لعودتها.
كما تعلم إلى أين يقودك ذلك، لقد كنت هناك مرّات عديدة من قبل ولا ترغب في العودة.
أعلم أنا أيضًا هذا الشعور.
كم أن "الشفاء" مصطلح مراوغ.
فإنه يعني أنك وبمجرد الشفاء، فإن الاكتئاب قد ولّى بعيدًا، لكن هؤلاء من شُفوا منه، يعرفون أن ذلك ليس صحيحًا.
لا يعتبر الشفاء من الاكتئاب نهاية المعركة!
لأني قضيت نصف حياتي مكتئبة، وبعد سنتين من التعافي، ما زلت أجد نفسي أحارب في معركة الانتكاس، المعركة التي تبدو في بعض الأحيان أصعب من التعافي نفسه، لأنك قد تذوقت حلاوة الحياة غير الكئيبة، فلا تريد مطلقًا العودة لمرارة الاكتئاب.
على السطح، تبدو التغيرات المزاجية مثل "المعاناة مع يوم سيئ"، الشيء الذي يبدو أن الجميع مرّوا به ويمكنهم التغلب عليه بسرعة، لكن بالنسبة للمكتئبين، فإن تبعات التغيرات المزاجية يمكنها أن تصبح قاسية وطويلة.
أولاً، هناك ذلك التغير المفاجئ في المزاج، الأمر الذي يتعدى كونه "أشعر بالكآبة وسأتعافى قريبًا"، والذي يتبعه تغيير جذري في المنظر الخارجي، في لحظة تنظر للحياة من خلال عدسات نظيفة، لكنها الآن متسخة وتغبّش رؤيتك.
وبعد ذلك، يتسابق الضيوف الحتميون على الظهور: انخفاض الثقة بالنفس والإرادة المشلولة وكراهية النفس، وما أخافه أكثر من الباقين: الخمود.
كيف يمكنك أن تمنع الاكتئاب من عرقلة حياتك؟
اعتدت التفكير في أن الاكتئاب يتمحور حول "المشاعر"، ولهذا وضعت تركيزي في تفهم عواطفي ومحاولة التحكم فيها، الأمر الذي لم يمنعني دائمًا من الانتكاس، إلى أن عرفت بأمر العلاقة بين الأفكار والمشاعر والتصرفات، وتعرفت أيضًا على محاولة التحكم في مزاج المرء، والذي أعطاني نظرة جديدة للاكتئاب.
نحن نفكر، نشعر، نتصرف.
يقول الدكتور ديفيد د. بيرنز: "إنها حقيقة عصبية واضحة، أنه وقبل أن تشعر بأي حدث، يجب أن تعالجه في عقلك وتعطيه معنى ما، ينبغي أن تفهم ما الذي يحدث لك قبل أن تشعر به".
وعلى هذا، كيف تتحكم في مزاجك؟
حسنًا، الأمر ليس صعبًا، ويشمل التالي:
1. اكتشاف التغيُّر المزاجي ومدى حدته والمدة التي سيطول إليها.
بالنسبة إليّ، فإن أكثر التغيرات المزاجية حدّة، وعندما أكون شديدة الضعف لدرجة وقوع انتكاسة، تحدث حينما تستمر أكثر من يومين.
2. معرفة توابع الاستسلام للمزاج الكئيب، لأن هذا هو المفتاح لإجبارك على أن تتصرف.
في حالتي، فإنها دائمًا ما أدت للدائرة المفرغة من تشتيت الانتباه والشعور بالذنب والندم وكراهية النفس، الدائرة التي بمجرد حدوثها يصبح من الصعب كسرها.
3. التصرّف لأجل منع المزاج الكئيب من الاستمرار طويلاً.
كلما استمر لفترة طويلة أصبحت أكثر وَهنًا، وأصبح من الصعب العودة للحالة الطبيعية.
كانت الكتابة أحد الأشياء التي اعتدت فعلها بمجرد أن ينحرف مزاجي، أكتب حول ما أشعر، لكن تلك الخطة لم تفلح دائمًا في منعي من الانتكاس.
أنماط التفكير العشرة التي تحتاج التعرّف عليها لمنع حدوث انتكاسة
منذ عدة أسابيع مضت، وجدت نفسي على شفا الانتكاس، وذلك بعدما أتممت مشروعًا ضخمًا – المشروع الذي كنت أعمل عليه لفترة من الوقت، وقد أنهيته– والذي وضع كل ما تبقى من أعمالي في خانة الانتظار للعمل فيها، وحينما انتهيت منه، شعرت بالبهجة كثيرًا، لكن ذلك الشعور لم يستمر، وسرعان ما وجدت مزاجي يتبدّل.
في لحظة كنت سعيدة وفخورة بما أتممته، وفي التالية أصبحت بائسة وأؤنب نفسي كثيرًا.
لم يكن لديّ أي سبب للشعور على هذا النحو، وتأكدت من ذلك حينما وضعت الأفكار التي خلف هذه المشاعر لاختبارها باستخدام أنماط التفكير الاكتئابية العشرة، وذلك لتحديها.
1. كل شيء -أو- لا شيء.
في قلب السعي نحو الكمال، هناك اتجاه لتقييم أنفسنا بنظرة الصواب المُطلق أو اللاشيء، ولا يوجد حلول وسط: سيء أم جيِّد، رابح أم خاسر، ذكي أم غبي، وفي هذا الموقف، ومع عدم إمكانيتي لأن أقوم بالمهمتين – استكمال مشروعي والمتابعة مع الأعمال الأخرى – يشير إلى أنني لم أصل "للموقف المثالي".
2. المبالغة في التعميم.
الاعتقاد في أنه لو حدث شيء سيء مرة، فسيحدث مجددًا مرارًا، "لقد فعلتها ثانية"، تلك الأفكار التي تعزز المعتقد أنه سيكون الحال نفسه كل مرة، أي عدم قدرتي على إدارة عملي وتحديد أولوياته.
3. الفلتر الذهني.
الاستعداد للتركيز على ناحية سلبية واحدة للموقف، بينما أتجاهل كل الأدلة الإيجابية الأخرى. فعلى الرغم من أنني قد أتممت مشروعي، فإن تركيزي انصبّ على "مدى تخلّفي عن أداء باقي أعمالي".
4. استبعاد الإيجابي
وهو أمر أكثر تدميرًا من الفلترة الذهنية، لأنه يتضمن التطلع ناحية تجربة إيجابية ثم تحويلها إلى تجربة سلبية تمامًا، وإلى جوار كل أشكال التفكير الهدّامة والتي تتخمر في ذهني، فإن الإحساس بالإنجاز منذ تلك اللحظة قد تم الاستبدال به إحساس من الفشل لعدم إمكانيتي على المحافظة على إنجاز كل شيء آخر.
5. القفز نحو الاستنتاجات
القفز آليًا نحو الاستنتاجات السلبية دون وجود أساس لها، الاعتقاد الفوري هنا كان "لن أستطيع أبدًا التحصيل"، على الرغم من أني استطعت فعل ذلك في الظروف المشابهة السابقة.
6. التعظيم والتقليل
أي الاتجاه ناحية تعظيم أخطائنا ونقاط ضعفنا في أثناء التقليل من نجاحاتنا ونقاط قوتنا، إن الإحساس بالفشل المبالغ فيه، والذي شعرت به لعدم قدرتي على التحصيل، قد ضلّل من قدراتي ومهاراتي في التغلب عليه وعلى أي مصدر تحدٍ آخر.
7. الاستدلال العاطفي.
أي النظر للحياة من خلال عيون متألمة، حيث يبدو كل شيء مظلمًا وبائسًا، وبمجرد أن تدور عجلات التفكير المشوّه، يصبح كل شيء احتجت القيام به للخروج من تلك المحنة مستحيلاً ومثبّطًا.
8. عبارات "ينبغي أن".
إن تلك الضجة العقلية غير المهمة الناتجة عن إحباطنا من أنفسنا ومن العالم، والتي تذكرنا بما ينبغي أن، يجب أن، يمكننا أن نفعله بشكل مختلف. "كان يبنغي عليّ أن أبذل محاولات جادة للتحصيل"، أو "يجب أن أفعل كل هذا كي أصبح بمركز متقدم في عملي"، كانت هذه هي الأفكار التي بدأت في الانبثاق في ذهني.
9. التصنيف والتصنيف الخاطئ.
إن الاستمرار في تصنيف أنفسنا أو إساءة تصنيفها على شكل الشجب الذاتي، بمجرد أن تعلق في ذلك النوع من التفكير، فإن المصطلحات الدالة على كراهية النفس تظهر من أجل إساءة تقييم ذاتي، مثل: "أيتها الفاشلة، لستِ ذكية كفاية، لا تستطيعين القيام بأي شيء على أكمل وجه".
10. الشخصنة.
إنه الشعور بأنك مسؤول ومذنب حينما لا يكون هناك داعٍ لذلك، وعلى الرغم من أنني أمتلك سببًا صائبًا لفِعل ما قمت به "تأجيل الأعمال الأخرى"، فإنني قد لُمت نفسي وشعرت بالسوء حينما وجدت نفسي في الموقف الذي كنت به.
يفكر جميع الناس على هذه الشاكلة في وقت أو آخر.
لكن مع من يعانون من الاكتئاب، فطريقة التفكير تلك أسلوبهم للحياة، مع كل شعور بالتشوّه الذي يشجّع المشاعر السلبية الأخرى، فإنه يبقينا في حالة دائمة من العذاب النفسي.
*هذا المقال يمثّل الخبرة الفريدة لإحدى السيدات، في منع حدوث انتكاس للاكتئاب، فإذا كنت تعاني من الاكتئاب ولا يبدو أن جهودك مفيدة في منعه، عليك استشارة طبيب متخصص.
___________
نُشر في نون بتاريخ
___________
نُشر في نون بتاريخ
10-11-2015
المصدر:
https://tinybuddha.com/blog/10-thinking-patterns-that-can-lead-to-depression/
No comments:
Post a Comment