Sunday, May 25, 2014

بنكره نفسنا بأمر ستو الحاجة

هو ليه إحنا كمجتمع بنات، قاسيين على روحنا واصحابنا وأهلنا؟

القسوة دي بتتجلى في قصص عشتها بنفسي. ح اتكلم عن واحدة منها دلوأتي، وأنا بحاول اتغلب على خجلي. هو "ميصحش" طبقا للقانون الاجتماعي غير المكتوب إني اتكلم فيه في مجتمع فيه ولاد، بس طز الحقيقة في أم القانون الاجتماعي بتاعنا ده -_-

كنت مرة في ورشة عمل للشباب الصغيّر - إحنا بنسميهم مراهقين تكبرًا منّا -_- - وكانت معانا مدرّبة انجليزية، حصل موقف ما كده في نهايته إحدى المدرّسات المشاركات جات واعتذرت للمدرّبة إن فيه بنت مش ح تقدر تكمّل، وح تاخد فترة راحة بسيطة. المدرّبة سألتها ليه، قالت لها المدرّسة عشان "ستّو الحاجّة" جاتلها.

المدرّبة البريطانية كان ردّ فعلها: Oh! Bless her.

أو "بوركت"، أو "حفظها الرب"..

ردّ فعلها أثّر فيا جامد. أنا عمر ما حد اتعامل معايا أو مع البنات اللي اعرفهم على اعتبار إن الموضوع ده "ابتلاء" أو محنة الواحدة بتعدّي بيها ولازم نساندها. كان كل اللي بيتصدّر لنا من مشاعر أو أفكار أو كلمات إننا جُناة مذنبات مسؤولات عن الأمر ده، ولا بد إننا نتعاقب. في الحقيقة الأمر كله مثير للسخط والحنق والغضب والاستياء... كون إن الست دي تعاطفت مع البنوتة أمر أذاب قلبي وخلاني ح اعيّط كمان شوية. هو إحنا يعني لازم نبقى أغبيا ومتخلفين حتى في مشاعرنا؟

بداية من التحريم الديني: ربنا ريّحنا من الصلاة والصوم، في رأيي عشان منتعبش. الأمر بيكون مرهق فعلاً خصوصًا مع الآلام الجسمانية المنتشرة في الضهر والجنبين والبطن والرجلين، وأحيانًا المفاصل كلها، ده غير الغثيان والحبوب وآلام الصدر والعياط غير المبرر والمفاجئ، وكراهية الدنيا والهشاشة النفسية الرهيبة.. كل ده وكمان مطلوب مننا إننا نصلي؟ لأ ده كده كتير! أنا اعرف ناس كتير مبتروحش  الشغل ساعتها، وبيكون ليهم العذر طبعًا. 

لكن تقول لمين؟ تقول لمين إن ربنا رب الرحمة والرفق واللطف واللين، وإن فيه في الدنيا رحمة واحدة بس شملت كل المخلوقات؟ تقول لمين إن ربنا عفانا من المجهود البدني والعقلي، الصلاة والصوم محتاجين قدرة كبيرة على التصديق والإيمان بظهر الغيب، مش موجودة في الظروف العادية فما بالك بتغيرات هرمونية جذرية بتجيب الواحد عاليه واطيه؟ تقول لمين إن ربنا خفف عنا عشان بيحبنا؟

لأ، ده تلاقي الخطاب الديني بيقول: إن البنات والستات في المرحلة دي بيبقوا "مش نُضاف" أو - لا مؤاخذة - "متوسخين" جسمانيًا وروحيًا، وميصحش يقابلوا ربنا بالوسخ اللي عليهم!!! بدين أمكو يعني؟؟

إذا كان ربنا اللي خلق فينا كده؟؟ فيه حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيتكلم عن السيدة فاطمة تقريبًا مش متذكرة أوي، وكانت بتعيط عشان مش ح تقدر تطوف، فقام قال لها متزعليش ده أمر ربنا خلقه فيكي، متزعليش من اللي يجيبه ربنا. نقوم إحنا نعكس كل حاجة ونقول ربنا غضبان على الستات عشان كده خلاهم يعانوا كل شهر، ويتمنعوا كمان من الوقوف في حضرته إذا كان صلاة ولا صوم؟ ده من ايه يعني؟

ودخول الجامع. صلاة العيد بيشهدها المفروض كل الناس، وفي حديث عن الرسول حتى الستات بكل أحوالهن بيشهدوها، ايه بقا؟ واحدة صاحبتي جزاها الله كل خير قالت لي في مرة إن المسلمين طاهرين كلهم من النجاسة الكبرى وهي الشرك بالله، وعلى كده ممكن الواحد في أحواله كلها يدخل الجامع، لو ماعرفش يتطهر يعني، ولنتذكر حديث صلاة عمرو بن العاص بالناس وهو مش على طهارة، لما قال للرسول ربنا قال ولا تقتلوا أنفسكم وأنا خفت اغتسل لاموت من البرد!

لو بنوتة مثلاً راحت زيارة للحجاز، سو وات إنها تدخل أحد الحرمين؟ مش الرسول قال للسيدة عائشة متطوفيش بس اسعي بين الصفا والمروة؟ سو وات بقا؟ اعترضوا، اعترضوا على كلام سيدنا النبي!!

...

لما كنت في المدرسة في مطلع الألفية الجديدة كان فيه مدّ ديني قوي جدًا، يذكر إن دي كانت فترة ازدهار عمرو خالد - اللي عمره ما اتكلم في السياسة ولا قال حرام القتل - وفترة الحجاب القسري، واللي مش محجبة بيتبص لها بازدراء على أساس إننا ملكنا مفاتيح الجنة بحجابنا يعني! 

كانت البنات صاحبات زيارة ستو الحاجة بيتبص لهم بقرف شديد، وبيهمشوهم في حصة الدين مثلاً، ولما كنا بنروح نصلّي في الفسحة، كنا بنلم نفسنا ونروح الجامع اللي تحت، واللي متجيش معانا كانوا بيبصوا لها بنفس القرف الشديد والاستعلاء، اللي هو إحنا أحسن منك!

كنا صغيرين، بس نتاج مجتمع كاره ستاته وبناته، وبيتعامل معاهم على الأساس ده، فطلعنا كلنا كارهين نفسنا، واصحابنا، واللي حوالينا. طلعنا نفسيات مشوّهة، مش قادرة تشوف جمالها الخاص، ولا تتعامل مع الدنيا بمنطق الندّية، هات وخد، وأدّي للمجتمع زي ما اخدت منه، وأدّيه على دماغه لو جه على حقي. طلعنا مكسورات بهشاشة كبيرة، منطويات على حزننا الخاص، ونفسنا في كلمة حلوة نسمعها، والأهم، نصدقها..

....

حاشية: كلامي غير قابل للنقاش، أيوة، هي دكتاتورية. واللي ح يقول لي بس الشيخ فلان وعلان وبغبغان قال، ده على نفسه، لما يبقى واحدة ستّ وتحس إنها منبوذة من ربنا وبأمر رجال الدين ويحس بكل الأحاسيس السوداوية اللي ح تحسها، يبقى يتكلم.. غير كده يخرس خالص!!

________________________
21-1-2014

No comments: