Sunday, May 25, 2014

أدّ الكف



:صغيري
صباح الورد. كيف حالك هذا الصباح؟
آسفة عما بدر مني أمس. كنت أحملك طويلاً جدًا، طوال رحلتك عبر الأيام الأربعة الأولى، والتي حكيت عنها. رأيت كثيرًا جدًا يا صغيري، لا أعرف كيف استطعت تحمّل هذا، لكن كما قال الأصدقاء "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وعلى قد الحِمل تيجي الهمّة..
هناك نسخة مصغّرة منك، صغيرة جدًا بحجم الكف، تجلس طوال الوقت على كتفي وتسند رأسها إلى رقبتي، وتتنفس ببطء، نفَسها على نَفسَي، هواء داخل، زفير خارج.. أمس أقامت رأسها  وجلست مستقيمة، وحكَت عن أشياء بشعة كثيرة جدًا.. لا أعرف كيف تتحمل  كل ذلك يا كريم، لكن ربنا كبير.. ربنا كبير
أكثر ما آلمني يا عزيزي ذكرك للدم. أغمضت عينيّ بشدة محاولة طرد الصور القانية من مخيّلتي، لكن ما حدث أني رأيتها أكثر، ساعتها بدأ الدوار والتنميل في ساقيّ، ولم أعد أسمعك جيدًا..
بوّدي لو احتضنك بين يدي،  اقفلهما عليك جيدًا وتمامًا، احميك عن العالم وامسح على رأسك، أربت على ظهرك وأمسح على رأسك.. أعرف أن يديّ ستخرجان بالدم، لأن ذكرياتك ستنفتح لي كون العلاقة بيننا وطيدة وراسخة.. ستخرجان بالدم فأنثره بعيدًا عنك وامسح عليها ثانية وثالثة وعاشرة، حتى لا يعود هناك مكان لأي حمرة في رأسك، فتشرق بنور ربنا، وتبتسم..
سأملأ رأسك ومدى ناظريك بالخَضار.. اللون الأخضر يمحي الأحمر، لا أدري كيف ولا لماذا، لكنه يفعل.. سأزرع وردًا وصبارًا ونجيلة ونخلاً عاليًا وشجيرات جوافة ومانجا وكرمات ، زهور النرجس ومسك الليل وشجيرة ياسمين متسلقة، كازورينا على الحروف إلى جوار الفكس والتمر حنة، سأجلسك بداخلها وأمسك يديك جيدًا وأدعوك للتطلع إليها جيدًا وطبعها في ذاكرتك.. ستنمو داخل عقلك جنينة صغيرة، مليئة بالشمس تظللها سحابات متفرقة، ويسرح فيها الهواء المحمّل برائحة العشب المقصوص لسّه حالاً.. ستجلس فيها ضامًا ركبتيك إلى صدرك، تبتسم بشدة، وحولك أحباؤك يبتسمون ويغنّون ويأكلون ويركضون وراء أطفالهم، يحتضنونك ويربتون على ظهرك ورأسك، ينظرون إلى عينيك ويقولون ربنا كبير.. ربنا كبير

____________________
نُشرت على الفيس بوك

18 April 2013

No comments: